السلة الزراعية والغذائية في العراق... المؤشرات والمؤثرات
يُعّد العراق من أهم البلدان الزراعية في المنطقة، حتى سمي قديماً بـ (أرض السواد) لكثرة أشجاره ونخيله، ما جعل له دورا فعالا وهاماً وحيوياً في الحضارات البشرية. انتقل العراقيون من مفهوم الرعي والصيد الى مفهوم الزراعة وبالتالي الاستقرار من خلالها، وذلك بسبب طبيعة ارض وما تتمتع به من خصوبة، ناهيك عن توفر المياه فيه، متمثلة بنهري دجلة والفرات اللذين يمتدان من شماله وصولا لجنوبه. ويمتاز العراق بزراعة أنواع متعددة من الحبوب والفواكه والخضروات والتمور وغيرها، ما جعله في غنٍ أي دولة، حيث كانت الزراعة تسد جميع احتياجاته الغذائية، بل ويصدر الفائض منها الى الخارج، وهذا ما أثرى تجارته ومن خلالها، وارداته.وبحكم الظروف التي مر ويمر بها العراق حاليا، بدء من قلة الاهتمام بالزراعة، مرورا بالاعتماد على المنتجات المستوردة لسد الحاجة المحلية، ما أدى الى تردي الواقع الزراعي فيه، في وقت ينعم به بمساحات كبيرة وشاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة، إذ يقدرها المختصون بحوالي (27 %) من مساحته الكلية، أي ما يعادل (48) مليون دونم، في يستغل منها فقط (16) مليون دونم أي (28 %) من مساحة الأرض الصالحة للزراعة فيه.وفيما يلي ناتج ثلاث محاصيل مما يشتهر العراق بزراعتها، وهي كل من الحنطة والشعير والتمر على مدار خمس سنوات سابقة، بدء من 2014 وصولا 2018.
الحنطة: تزرع الحنطة في معظم مناطق العراق، وتعد محصولاً حيوياً وأساسيا بحسب العادات الغذائية للعائلة العراقية، وشيوع زراعتها فيه متأتية من ظروفه المناخية الملائمة، وفي كافة مناطقه، بدء من زراعتها في الشمال على سفوح الجبال بالاعتماد على مياه الامطار، مرورا بوسطه وانتهاء بجنوبه اللذان يعتمدان على المياه السطحية.وتعتبر الحنطة من المحاصيل التي لا تحتاج الى تربة عميقة، ما يجعل منه أسهل المحاصيل استجابة للتطور خصوصا في الهندسية الجينية، وذلك من خلال تطوير الأصناف المحلية بإنتاجية عالية ومقاومة قوية للأمراض.اما فيما يخص انتاجها خلال السنوات الخمسة الماضية، فقد تذبذب بشكل ملحوظ، إذا بلغ اعلى مستوى له في عام 2014م مقتربا من (5) ملايين طن، في حين أن انخفض بشكل كبير في عام 2018، لما يقارب (2,178,000) طن، متأثرا بظاهرة الجفاف التي مر بها العراق للأعوام القليلة الفائتة، فضلا عن أسباب اخرى.
الشعير: تنتشر زراعة الشعير في مناطق شمال ووسط وجنوب العراق، خصوصا في المناطق السهلية منه، وللشعير قدرة عالية على تحمل العطش وملوحة التربة، ما يسهل من زراعته في أي مكان كان، بما في ذلك الأراضي الفقيرة خصوصا وأنه يتحمل للآفات الزراعية.وتتعدد استخدامات الشعير، بدء من دخوله في الغذاء الحيواني كعلف، وانتهاء بكونه غذاء بشريا وإن كان على نطاق محدود، ناهيك عن استخداماته الصناعية.اما من حيث إنتاجه، على مر السنوات الخمسة محل حديثنا هذا، فقد شهد انخفاضا كبيرا في السنوات الأخيرة، فبعد إن كان يقارب (1,278,000) طن في عام 2014، إلا أنه وصل في عام 2018 لما يقارب (191,000) طن، إذ يأتي هذا الانخفاض الكبير كنتيجة طبيعية للتدهور الأمني الذي شهدته محافظات نينوى وديالى ابان دخول عصابات داعش.
النخيل: تنتشر زراعة النخيل في محافظات الوسط الجنوب وبعض المناطق دون الشمالية، وبعد إن كان العراق يحتل المرتبة الأولى عالمياً في زراعة النخيل، من خلال (30) مليون نخلة، نجده اليوم في تراجع شديد ومخيف، إذ وصلت اعدادها في عام 2018 الى ما يقارب نصف ما كان عليه، بل واقل من ذلك، بتعداد يقارب (14) مليون نخلة، متأثرا بأسباب الحروب التي خاضها العراق، فضلا عن قلة المياه وازدياد ملوحة التربة في المناطق الجنوبية.وقدر تعلق الأمر بالحقبة محل حديثنا (2014 ـ 2018) فقد شهدت الفترة الحالية تذبذبا واضحا في إنتاج التمور، حيث بلغت في عام 2014 ما يقارب (622,000) طن، في وقت تراجع فيه الإنتاج للعام 2015 الى ما يقارب (602,000) طن، ليعود مرتفعا الى (646,000) طن في العام 2018.